
اليوم وكل يوم ، وبين ثنايا ما مضى من العمر يمر شريط الذكريات والأحداث والشخصيات والمواقف ، ليظل حاضرا في عمق الذات ، قد لا يكون ذلك بشكل مجمل ، ولكنك على الأقل تستطيع أن لا تنسى بعض لقطات هذا الشريط .
قد تنسى أمورا كثيرة ، وقد تألم من أمور سلبية كثيرة ، وبنفس الوقت فإنك لابد أن تتذوق حلاوة العيش فتسعد بأمور كثيرة ، سواء مضت أم أنها ما زالت مضارعة لزمن بقائك . قد أسأل أي شخص رجلا كان أو امرأة : ما الأهم في حياتك ؛ قلبك أم عقلك ؟ ، حياة الجد أم حياة المرح حيث شعارك عش يومك وابو قرص مات ماأكله ؟ . قد يجيبني أحدهم الأمر مهم من كلا الناحيتين فأنا بحاجة لعقلي لأفكر به ولقلبي لأشعر به وأتعاطف به مع من حولي وأحنو به على أولادي وأستشعر به عمق علاقتي مع زوجتي أو زوجي ، كما أنني بحاجة للجد لأنجز أعمالي ، لأربي أولادي ، لأسيّر العمل مع المرؤوسين ، لأحرك العمال الذين يبنون منزل العمر ، وفي نفس الوقت سأشعر بالملل لو كان هذا هو ديدني في الحياة ، فأنا بشر بحاجة للضحك ، للمزاح ، لأقضي بعض أوقات فراغي كما أريد ، والمجالات تتشعب لتطالها مثل هذه الأسئلة ، فقد تتعلق بالقيم ، بالمبادئ ، بالأهداف ، بالتعامل مع الآخرين وما إلى نهاية أبعاد الحياة القصوى .
ولعل مثل هذه الاستجابات ستكون متوقعة من شريحة ليست بالقليلة من الناس ، لكن يبقى السؤال يدور في فلك حياتنا : ما الأهم في حياتنا ؟ وليس ما المهم في حياتنا ؟ كي نحدد بدقة أوليات حياتنا متدرجة من الأهم فالمهم فالأقل أهمية ، بدون الحاجة لأن نتوه في غيابات الحسابات الرقمية المتعثرة والمتعلقة بسنين العمر ، أو برصيد البنك ، أو ما إلى ذلك ، مع عدم نسيان كيف يمكن أن نطوّع الأرقام لنسترشد بها في إيجاد الحلول فمثلا في الرياضيات 5x5=25 فالنتيجة (25) تعادل الجهد المبذول عند القيام بعملية الضرب وتكرار الرقم 5 خمس مرات ، إذاً هي مجرد فلسفة حسابية بسيطة يمكن أن تعطينا مبدأ بالحياة قد يكون رغم بساطته إلا أنه يعد الأهم . وخذ مثلا ( الابتسامة في وجه أخيك المسلم صدقة ) فعل بسيط جدا ، ومع ذلك عوائده إيجابية ، فهي تكسبك الأجر عند الله قبل كل شيء ، تزيد من نسبة التواد والتراحم بين أبناء الأمة ، وتمنحك تعاملا بسيطا وميسرا مع الآخرين ، ورغم بساطة الفعل إلا أن مردوده عظيم فلذلك هو يعد من الأمور الأهم في الحياة لارتباطه بمجالي المعاملات والعبادات معاً .
وقد أستشهد على كل ما مضى من تفسيرات فلسفية بقصة معروفة لأستاذ جامعي متخصص بالفلسفة حين وقف قبل أن يبدأ محاضرته في الفلسفة أمام طلابه وقد أعدّ مجموعة من الأغراض على الطاولة ، وأثناء صمت الطلاب تناول جرّة زجاجية متوسطة الحجم وراح يملأها بكرات (الغولف)، ثم سأل الطلاب : أترون؟ إنها ممتلئة، أليست كذلك ؟ فأجابوا: بلى . بعدئذ تناول الأستاذ الجامعي صندوقا مليئا بالحبيبات الرملية وراح يصبها في الجرّة، ثم راح يهز الجرّة قليلا فملأت الحبيبات الرملية الفراغات بين كرات الغولف ، ثم سأل الطلاب : الجرّة الآن ممتلئة أيضا ، أليست كذلك؟ فأجابوا: بلى . ثم تناول بروفيسور الفلسفة صندوقا من التراب، وسكبه في الجرّة التي يفترض أنها ممتلئة حسب ملاحظة الطلاب، فانتشرت التربة الناعمة فيما تبقى من فراغات ، فسأل أستاذ الفلسفة طلابه المندهشين : هل الجرّة ممتلئة الآن ؟ فأجابوا باستغراب : نعم ، هي ممتلئة.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك إذ تناول الأستاذ فنجانين من القهوة وسكبهما في الجرّة حيث انتشرت القهوة في الفراغات بين حبيبات الرمل وامتصها الرمل والتراب .
ضحك الطلاب ، فقال البروفيسور: والآن أريدكم أن تفهموا بأن هذه الجرّة تمثل حياة الإنسان ، وأن كرات الغولف هي الأشياء الرئيسة في حياتكم كالعبادة والعائلة والأطفال والصحة والأصدقاء والعمل والأشياء المحببة إلى نفوسكم ، هذه الأشياء لو كانت هي فقط في حياتكم لكانت الحياة ممتلئة ولا ينقصها شيء.
واستأنف البروفيسور قائلا: أما الحبيبات الرملية فهي أشياء أقل أهمية ولا تعني الكثير لحياتكم (الجرّة) وتتمثل في ماهية الوظيفة وما يرافقها من مشاكل ، والمنزل وما يتبعه من صعوبات، والسيارة وغيرها مما يوازي هذه الأشياء ، فهذه الأشياء ستتوافر عاجلا أم آجلا ، وهي إن غابت لا تنقص من جوهر الحياة شيئا، أما (التراب) فيمثل كل الأشياء الصغيرة الأخرى في الحياة .
واستأنف الأستاذ الجامعي قائلا: أترون ؟ لو أننا وضعنا الرمال والتراب أولا في الجرّة لما تبقى للأشياء الأخرى مكان ، وهذا يعني أن اهتمامنا بالأمور التافهة أو الصغيرة يشغلنا عن الأمور الرئيسة الأهم ويستهلك طاقاتنا في مسائل لا تغني ولا تسمن من جوع .
وعليه فإنه من الضروري تحديد سلّم الأولويات، ومن المهم الانتباه إلى عوامل السعادة وإعطاؤها الأولوية الأولى، وهي أركان الحياة الرئيسة (كرات الغولف) والباقي ما هو إلا رمال .
إحدى الطالبات رفعت يدها وسألته: وماذا تمثل القهوة؟ فأجاب مبتسما: أنا مسرور لسؤالك هذا، القهوة هنا تعني أنه مهما كانت حياتك ممتلئة فإن ثمة متسع لفنجان قهوة مع من تحب .
من الضروري أن نجد لأنفسنا وقتا مبهجا مع الأصدقاء والعائلة فهو يكاد يكون الوقت الوحيد الذي يخلو من محفزات التوتر، بل يخفف منها أيضا ، ومن الضروري أن نجد وقتا للعب مهما كبر بنا العمر ، فاللعب يخفف من أعباء النفس ، وللتمارين الرياضية أثر كبير أيضا على تنقية الروح من المتاعب وعلى تحسين الدورة الدموية والجهاز التنفسي.
حقيقة هذا المثال أراه من أروع الأمثلة التي جسدت صورة الحياة في مثال مبسط ، لم يهمل الأهم ولم يدع المهم ، ولم يغفل صغار الأمور ومنغصات العيش ، فكلها دوائر للحياة تتدرج في حجمها ، الأمر الذي يعنينا كي لا نهول أمراً صغيرا ولا نحقر أمرا كبيرا .
قد تنسى أمورا كثيرة ، وقد تألم من أمور سلبية كثيرة ، وبنفس الوقت فإنك لابد أن تتذوق حلاوة العيش فتسعد بأمور كثيرة ، سواء مضت أم أنها ما زالت مضارعة لزمن بقائك . قد أسأل أي شخص رجلا كان أو امرأة : ما الأهم في حياتك ؛ قلبك أم عقلك ؟ ، حياة الجد أم حياة المرح حيث شعارك عش يومك وابو قرص مات ماأكله ؟ . قد يجيبني أحدهم الأمر مهم من كلا الناحيتين فأنا بحاجة لعقلي لأفكر به ولقلبي لأشعر به وأتعاطف به مع من حولي وأحنو به على أولادي وأستشعر به عمق علاقتي مع زوجتي أو زوجي ، كما أنني بحاجة للجد لأنجز أعمالي ، لأربي أولادي ، لأسيّر العمل مع المرؤوسين ، لأحرك العمال الذين يبنون منزل العمر ، وفي نفس الوقت سأشعر بالملل لو كان هذا هو ديدني في الحياة ، فأنا بشر بحاجة للضحك ، للمزاح ، لأقضي بعض أوقات فراغي كما أريد ، والمجالات تتشعب لتطالها مثل هذه الأسئلة ، فقد تتعلق بالقيم ، بالمبادئ ، بالأهداف ، بالتعامل مع الآخرين وما إلى نهاية أبعاد الحياة القصوى .
ولعل مثل هذه الاستجابات ستكون متوقعة من شريحة ليست بالقليلة من الناس ، لكن يبقى السؤال يدور في فلك حياتنا : ما الأهم في حياتنا ؟ وليس ما المهم في حياتنا ؟ كي نحدد بدقة أوليات حياتنا متدرجة من الأهم فالمهم فالأقل أهمية ، بدون الحاجة لأن نتوه في غيابات الحسابات الرقمية المتعثرة والمتعلقة بسنين العمر ، أو برصيد البنك ، أو ما إلى ذلك ، مع عدم نسيان كيف يمكن أن نطوّع الأرقام لنسترشد بها في إيجاد الحلول فمثلا في الرياضيات 5x5=25 فالنتيجة (25) تعادل الجهد المبذول عند القيام بعملية الضرب وتكرار الرقم 5 خمس مرات ، إذاً هي مجرد فلسفة حسابية بسيطة يمكن أن تعطينا مبدأ بالحياة قد يكون رغم بساطته إلا أنه يعد الأهم . وخذ مثلا ( الابتسامة في وجه أخيك المسلم صدقة ) فعل بسيط جدا ، ومع ذلك عوائده إيجابية ، فهي تكسبك الأجر عند الله قبل كل شيء ، تزيد من نسبة التواد والتراحم بين أبناء الأمة ، وتمنحك تعاملا بسيطا وميسرا مع الآخرين ، ورغم بساطة الفعل إلا أن مردوده عظيم فلذلك هو يعد من الأمور الأهم في الحياة لارتباطه بمجالي المعاملات والعبادات معاً .
وقد أستشهد على كل ما مضى من تفسيرات فلسفية بقصة معروفة لأستاذ جامعي متخصص بالفلسفة حين وقف قبل أن يبدأ محاضرته في الفلسفة أمام طلابه وقد أعدّ مجموعة من الأغراض على الطاولة ، وأثناء صمت الطلاب تناول جرّة زجاجية متوسطة الحجم وراح يملأها بكرات (الغولف)، ثم سأل الطلاب : أترون؟ إنها ممتلئة، أليست كذلك ؟ فأجابوا: بلى . بعدئذ تناول الأستاذ الجامعي صندوقا مليئا بالحبيبات الرملية وراح يصبها في الجرّة، ثم راح يهز الجرّة قليلا فملأت الحبيبات الرملية الفراغات بين كرات الغولف ، ثم سأل الطلاب : الجرّة الآن ممتلئة أيضا ، أليست كذلك؟ فأجابوا: بلى . ثم تناول بروفيسور الفلسفة صندوقا من التراب، وسكبه في الجرّة التي يفترض أنها ممتلئة حسب ملاحظة الطلاب، فانتشرت التربة الناعمة فيما تبقى من فراغات ، فسأل أستاذ الفلسفة طلابه المندهشين : هل الجرّة ممتلئة الآن ؟ فأجابوا باستغراب : نعم ، هي ممتلئة.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك إذ تناول الأستاذ فنجانين من القهوة وسكبهما في الجرّة حيث انتشرت القهوة في الفراغات بين حبيبات الرمل وامتصها الرمل والتراب .
ضحك الطلاب ، فقال البروفيسور: والآن أريدكم أن تفهموا بأن هذه الجرّة تمثل حياة الإنسان ، وأن كرات الغولف هي الأشياء الرئيسة في حياتكم كالعبادة والعائلة والأطفال والصحة والأصدقاء والعمل والأشياء المحببة إلى نفوسكم ، هذه الأشياء لو كانت هي فقط في حياتكم لكانت الحياة ممتلئة ولا ينقصها شيء.
واستأنف البروفيسور قائلا: أما الحبيبات الرملية فهي أشياء أقل أهمية ولا تعني الكثير لحياتكم (الجرّة) وتتمثل في ماهية الوظيفة وما يرافقها من مشاكل ، والمنزل وما يتبعه من صعوبات، والسيارة وغيرها مما يوازي هذه الأشياء ، فهذه الأشياء ستتوافر عاجلا أم آجلا ، وهي إن غابت لا تنقص من جوهر الحياة شيئا، أما (التراب) فيمثل كل الأشياء الصغيرة الأخرى في الحياة .
واستأنف الأستاذ الجامعي قائلا: أترون ؟ لو أننا وضعنا الرمال والتراب أولا في الجرّة لما تبقى للأشياء الأخرى مكان ، وهذا يعني أن اهتمامنا بالأمور التافهة أو الصغيرة يشغلنا عن الأمور الرئيسة الأهم ويستهلك طاقاتنا في مسائل لا تغني ولا تسمن من جوع .
وعليه فإنه من الضروري تحديد سلّم الأولويات، ومن المهم الانتباه إلى عوامل السعادة وإعطاؤها الأولوية الأولى، وهي أركان الحياة الرئيسة (كرات الغولف) والباقي ما هو إلا رمال .
إحدى الطالبات رفعت يدها وسألته: وماذا تمثل القهوة؟ فأجاب مبتسما: أنا مسرور لسؤالك هذا، القهوة هنا تعني أنه مهما كانت حياتك ممتلئة فإن ثمة متسع لفنجان قهوة مع من تحب .
من الضروري أن نجد لأنفسنا وقتا مبهجا مع الأصدقاء والعائلة فهو يكاد يكون الوقت الوحيد الذي يخلو من محفزات التوتر، بل يخفف منها أيضا ، ومن الضروري أن نجد وقتا للعب مهما كبر بنا العمر ، فاللعب يخفف من أعباء النفس ، وللتمارين الرياضية أثر كبير أيضا على تنقية الروح من المتاعب وعلى تحسين الدورة الدموية والجهاز التنفسي.
حقيقة هذا المثال أراه من أروع الأمثلة التي جسدت صورة الحياة في مثال مبسط ، لم يهمل الأهم ولم يدع المهم ، ولم يغفل صغار الأمور ومنغصات العيش ، فكلها دوائر للحياة تتدرج في حجمها ، الأمر الذي يعنينا كي لا نهول أمراً صغيرا ولا نحقر أمرا كبيرا .
هناك تعليق واحد:
بقلم د. هند آل ثنيان
إرسال تعليق