بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 29 أغسطس 2009

خربشات امرأة تفهم الرجل


الـرجل صنــدوق مقفـل ومحــكم الإغلاق
ومفاتيحـــه في أحد المحيــطات ولكنه
صنـدوق شفــاف في عينــي امرأة تفهـم الرجال
***
أغبـى الرجــال هو الذي لا يعرف كيف يجعـل المرأة تعشقـه وتهيـم به
***
مايلفت انتبـاهي كثيــراً هو...

الرجـل الحسـاس.. لندرته.. بينمـا لا يلفتني أبدااا الرجل القاسي .. لوفرتــه
***
الرجــال جميعهـم كالــجبـال .. ولكن من الجبال ما يتفجر من حجارتها الأنهار

وبعض الجبـال
لاتؤثر فيه لاعوامل تعـــــرية ولاعوامـل... تهوية
***
الرجــل...حينما يمــد يده ليضـربني .. لن أرى فوق الارض أحقـر منه
وحينما يمد يديه ليمسح دمعتـي لن أرى في الوجود أغـلى منه
***

الرجـل يحاول دائمــًا أن لايعترف ويخفي حاجتـه للمرأة . .وكلما حاول أن يقول لا أحتاجك
يخطيء ويقول أحتاجك
***
الـرجل.. أفديـه بكل شي أملكه وأعطيه كل كياني .. مقابل فقـط .. أن ينزع تلك القسوة من قلبه.. وأن يشعرني بالأمان والحب
***
الرجل الغبـي.. هو من يجعل المرأة تكرهه
فيأخذ منها أقل ما يريد
ولكن الذكي هو من يجعل المرأة تحبه فيأخذ منها أكثر مما يريد
***
قلب الرجل كسفينــة ... تبحث عن موانئها ..
المرأة الذكية هي التي تبحر بتلك السفينة ولاتكتفي بأن تكون مجرد موانيء يبحث عنها الرجل ..
***
لسـان الرجل.. قد يرفعه في عين المرأة إلى السماء
وقد يخسف به إلى سابع أرض
***
حينما أرى قسوة الرجل .. أتمنى لو أن لي قلبا من حديد ..
لأن مشاعري حينها بلا فائدة..
و حينما يكون حنونا ومحبا أتمنى لو أن لي قلبين
لأعطيه أكثر من مما يتوقع..
***
يكـره الرجل ثرثرة المرأة في الحب..
بينما يعشق ثرثرتها فيه بلغــة المديح المطنب ..
***
المرأة دائما جاهزة للعاطفة ...
بينما الرجل قليلا مايكون كذلك..
وهذه حكمة إلهية خفيه وربما ابتلااااء
* **
الرجل بطبيعته صامت .. ولكن لعيـنيه لغة ..فقط خارج حدود الشرق

لايفهمها .. إلا امرأة تفهم الرجـال...
***
نصف الكلام لايقال لرجـل
وربعه مستحيل أن يقال
والربع المتبقي يجب التفكير فيه
***
يتمرد الرجل ويكره المرأة التي تعطيه كل شي
بسهوولة. .وبلامقابل لروحها
ويعشق المرأة التي تعذبه بصعوبتها وتأخذ المقااابل
****
أغبــى الغبيــات من النسـاء هي التي تعامـل الرجـل كما تعـامل المرأة
***
عندما تأتي المرأة بقلبها الصادق والرجل بعقله المتفاهم
ويجتمعان سيكونان جسدااا رااائعاا ولكن ..
ليت الرجل يقدر عاطفية المرأة وليت المرأة تقدر عقلانية الرجل...!!
وأخيــرآآآآ...... أروع رجــال الأرض.....
هو من يعيـــش بعقل رجـل وقلــب امرأة.....,

الاثنين، 24 أغسطس 2009

ضرماء .. روح سامقة وجسد نابض

محافظة ضرماء هي محافظة سعودية تقع في منطقة العارض في وسط نجد على بعد 60 كيلو متر غرب مدينة الرياض في وادي واسع يسمى وادي البطين ويتبعها (5) مراكز و (25) قرية وهجرة ويبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة ويحدها شمالاً جبال طويق وجنوباً محافظتي القويعية والمزاحمية وغرباً محافظة شقراء وشرقا مدينة الرياض.
وهي عبارة عن وادي فسيح وتكمل أهميتها كونها منطقة زراعية قديمة ومركز خدمة هامة للمجاورين والمسافرين على طريق الحجاز القديم والجديد تشتهر بزراعة القمح والشعير والتمور والخضروات والفواكه بالطرق الزراعية الحديثة لها نشاطات أخرى (تجارية وصناعية وتربية المواشي .

[عدل] التاريخ
و هي معمورة منذ وقت طويل، حيث يذكرها الشاعر الأموي جرير في القرن السابع الميلادي (الأول الهجري) باسم قرماء، و يذكرها أيضاً ياقوت بذلك الاسم في القرن الثالث عشر الميلادي(السابع الهجري)، و تحولت مع مرور الزمن إلى ضرما.ويرى الشيخ عبد الله بن خميس في معجم اليمامة أن أصل ضرماء هو قرماء ثم دخلها التحريف فأصبحت تعرف اليوم بضرماوكانت قرية عامرة وكثيرة النخل قبل البعثة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وتردد ذكرها في الشعر الجاهلي ومنه قول العشى
عرقت اليوم تيا مقاما *** بجو أو عرفت لها خياما
فهاجت شوق محزون طروب *** فأسبل دمعه فيها سجاما
ويوم الخرج من قرماءهاجت *** حباك حمامة تدعو حماما
كانت البلدة في القرون الماضية تشكل البوابة الغربية لإقليم العارض الذي يضم الرياض و الدرعية، و لذلك كانت في واجهة الغزوات التي استهدفت تلك المنطقة. حكامها التقليديون هم من أبناء عمومة آل سعود حكام السعودية، و يقال لهم "الشيوخ"والمعروفين حاليا بال عبد العزيز، و كان اهل ضرماء من الذين انضموا مبكراً إلى الدولة السعودية الأولى التي نشأت عام 1744 م.
في عام 1775 م، قامت قبيلة يام من نجران بغزو أراضي الدولة السعودية فصدّهم أهل ضرما في معركة في النخيل المجاورة، حسب ما يذكره المؤرخ ابن غنام. و عندما أتى إبراهيم باشا على رأس حملة عثمانية إلى نجد بغرض تدمير الدولة السعودية، مر بضرما و هو في طريقه إلى العاصمة السعودية في الدرعية، ففرض الحصار على ضرما عام 1817. و قد قاوم أهالي البلدة بشدة وبسالة فائقة حتى إنهم رفضوا عرضاً للهدنة مع إبراهيم باشا مقابل السماح له بالمرور إلى الدرعية بسلام، إلا أن القرية اضطرت للاستسلام في عام 1818 م بعد معارك ضارية خسر الجيش العثماني خلالها أكثر من 1200 مقاتل كما أستشهد من اهالي البلدة قرابة 800 شهيد رحمهم الله.
وكان الجيش الذي كان بقيادة إبراهيم محمد علي باشا للإستيلاء على الدرعية بعد محاربته شقراء اسبوعا ثم طلب أهلها منه الأمان فأجابهم إلى ذلك حيث إتجه إلى ضرما الذي إستفزه أهلها فوجه المدافع ودارت حرب مدمرة بينه وبين أهلها الذين صمموا على موقفهم واستماتوا للدفاع عن بلدتهم ويذكر إبراهيم باشا حاصرها أربعة أشهر وبذلك تكون أطول مدة حاصر فيها بلدة حصينه في حملته(حيث كان لضرما سور حصين صعب على إبراهيم باشا هدمه أو إختراقه) وكل ذلك كا تأييداً ونصرة للأمام عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود الذي كان متولي حملة المقاومة على الجيوش الغازية استردّت البلدة بعضاً من عافيتها بعد تلك الأحداث، إذ يذكر الإنجليزي فيلبي عام 1917 أن أهلها كانوا 6,000 نسمة في ذلك الوقت، لكن القرية تضررت في العقود الأخيرة من تحويل مسار طريق الحجاز عنها و مروره بدلاً من ذلك بالمزاحمية. و قد غادر غالبية أهلها الأصليين إلى الرياض.
وحوت أغلب المؤلفات الغربية التي تحدثت عن منطقة نجد معلومات عن حالة ضرما العمرانية والسكانية فيما ورده الإنجليزي ج.ج. لوريمر في القسم الجغرافي من دليل الخليج الصادر سنة 1908 م :(ضرما قرية كبيرة تقع في منطقة العارض من نجد مشهورة أصلا بالمقاومة التي شنتها القوات المصرية سنة 1818م والقسوة التي عوملت بها بعد أن استردتها تلك القوات ويوجد بسوقها عدد من الحوانيت وتعتمد الزراعة فيها على رفع المياه من الآبار التي يتراوح عمقها بين 16-18 قامه وتشغل مزارع القمح والشعير والبرسيم والبطيخ والفاكهة مساحات واسعة) وكان أهالي ضرما من أوائل المنضمين للدولة السعودية الأولى ولدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب والمجاهدين جهاداً مشهوداً في سبيل إنتشار الدعوة ويوجد بها قصر الإمام تركي بن عبد الله آل سعود سنه1235هـ ومنه انطلق لتأسيس الدولة السعودية الثانية وإعادة الأمن والإستقرار إليها وكذلك هم من أوائل المبايعين للملك عبد العزيز.
زراعياً تحوي ضرما اراضي خصبة ومياة جوفية وفيرة فاشتهرت منذ القدم بكثرة نخيلها حيث تحتل المركز الثالت على مستوى المملكة في عدد النخيل ،وكذلك تعدد فواكهها وحبوبها حتى اقترن إسمها بالحب الجيد من القمح واستطاعت ضرماء أن تصدر منتجاتها الزراعية خارج المملكة حيث تشتهر بمشاريع البيوت المحمية للخضار وكذلك مشاريع للفواكه وعدد من مشاريع الدواجن والألبان.
ومن الاسر التي تسكن ضرماء: أبونيان(حرب) -البتال(مطير)- آل ثنيان(وائل) الحمود(ال مغيرة) الحوشان (وائل) الدغيثر(وائل)الدليم (سبيع)الزمامي(دواسر) السيف(قحطان) السبر(قحطان) السلوم(دواسر)السياري(بني خالد)-الشعلان (ال كثير) الشنيفي (سبيع) الشهيل (وائل) الصميخي(قحطان) العبدان (قحطان)ال عبد العزيز(وائل)-العجاجي(ال كثير)العماني (قحطان)الغرير(وائل)-الفقيه(تميم)-القباني(سبيع) المبدل(وائل) -ال محمود(اشراف) المدبل(وائل) المقبل(تميم) النحيط(سبيع) .وكذلك: العيسى-النفيسة-السلطان-الرضيان-الرشيد—النافع-السليم-ابوخليل-الغويري-المهيني-الغانم-الغوينم-السحيمي-الشويمي-الجامع-الجعيثن -التخيفي-اللبخان-الخريجي-النعيمة-الدحيدح—الفويرس.
المعلومات منقولة من موقع موسوعة ويكيبيديا التي استقت المعلومات من المصادر التالية :
وزارة الشؤون البلدية والقروية
إمارة منطقة الرياض
تاريخ ابن غنام ("روضة الأفكار و الأفهام")
ياقوت الحموي، معجم البلدان تحت "قرماء"
جون فيلبي، "قلب الجزيرة العربية" (بالإنجليزية)، ج 1 ص 126.

الأحد، 23 أغسطس 2009

مرقة رقبة بقرة علي القرقبي- فن التربية



من أعجب ماسمعت:مرقة رقبة بقرة علي القرقبي

بقلم د/محمد بن أحمد الرشيد
الأعمال الكبيرة تحتاج إلى همم كبيرة، مع رغبة صادقة في التعامل مع المواقف بصدق وإخلاص . . .
قال: بداية القصة كانت حين كلفت بتدريس مادة القرآن الكريم والتوحيد للصف الثالث الابتدائي قبل نهاية الفصل الدراسي الأول بشهر واحد، حينها طلبت من كل تلميذ أن يقرأ، حتى أعرف مستواهم، وبعدها أضع خطتي حسب المستوى الذي أجده عندهم.
فلما وصل الدور إلى أحد التلاميذ وكان قابعاً في آخر زاوية في الصف، قلت له : اقرأ.

قال الجميع بصوت واحد (ما يعرف، ما يعرف يا أستاذ) فآلمني الكلام، وأوجعني منظر الطفل البريء الذي احمر وجهه، وأخذ العرق يتصبب منه، دق الجرس وخرج التلاميذ للفسحة، وبقيتُ مع هذا الطفل الذي آلمني وضعه، وتكلمت معه، أناقشه، لعلي أساعده، فاتضح لي أنه محبط، وغير واثق من قدراته، حتى هانت عليه نفسه؛ لأنه يرى أن جميع التلاميذ أحسن منه، وأنه لا يستطيع أن يقرأ مثلهم، ذهبت من فوري، وطلبت ملف هذا الطفل؛ لأطلع على حالته الأسرية، فوجدته من أسرة ميسورة، ويعيش مع أمه، وأبيه، وإخوته، وبيته مستقر، واستنتجت بعدها أن الدمار النفسي الذي يسيطر عليه ليس من البيت والأسرة، بل إنه من المدرسة، ويرجع السبب حتماً إلى موقف محرج عرض له من معلم، أو زميل صده بعنف، أو تهكم على إجابته، أو قراءته، شعر بعدها بهوان النفس والإحباط، وأخذت المواقف المحرجة والإحباطات تتراكم عليه في كل حصة من المعلمين والزملاء، عندها فكرت جدياً في انتشال هذا الطفل مما هو فيه، خاصة وأنني أعرف بحكم الخبرة مع الأطفال أن كل ذكي حساس، وكل ذكي مرهف المشاعر، ولا يدافع عن نفسه، ولا يدخل في مهاترات قد يكون بعدها أكثرخسارة.
وبدأت معه خطتي، بأن غيرت مكان جلوسه، وأجلسته أمامي في الصف الأول، وقررت أن أعطي هذا التلميذ تميزاً لا يوجد إلا فيه وحده، ليتحدى به الجميع، وعندها تعود له ثقته بنفسه، ويشعر بقيمته وإنسانيته بين زملائه، خاصة بعد أن عرفت قوة ذكائه.

كتبت له جملة صعبة النطق، وأفهمته معاني كلماتها، حتى يتخيلها فيسهل عليه حفظها. كنا نرددها ونحن صغار، كتبتها على ورقة صغيرة، ووضعت عليها الحركات، وقلت له: احفظ هذه الجملة غيباً بسرعة، ولا يطَّلع عليها أحد من أسرتك، ولا من زملائك، وراجعتها معه خلسة عن أعين التلاميذ حين خرجوا إلى الفسحة، إذ لم يكن هو حريصاً على الفسحة، لأنه ليس له صاحب ولا رفيق، وكنت قد عودت تلاميذي على أن أروي لهم قصة في نهاية كل حصة شريطة أن يؤدوا كل ما أكلفهم به من حفظ وواجبات، وإذا تعثر بعضهم أو أحدهم في الحفظ أو الواجب منعت عنهم القصة، ليساعدوا زميلهم المتعثر في حفظه، أو واجبه، ويعاتبوه لأنه ضيَّع عليهم القصة. بعدها التزم الجميع بواجباتي لهم؛ حفاظاً على رضاي، وتشوقاً إلى استمرار القصة.

وفي أحد الأيام، وبعد أن قام الجميع بالتسميع طلبوا مني إكمال قصة الأمس، فقلت لهم: إلى أين وصلنا فيها؟ قالوا: وصلنا عند السيدة حليمة السعدية مرضعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ديار بني سعد، ماذا حدث بعد ذلك؟ فقلت لهم: لن أكملها لكم اليوم، فتساءلوا جميعاً: لماذا يا أستاذ؟ كلنا أدينا التسميع والواجبات!
قلت لهم: عندي قصة جديدة، أرويها لكم اليوم فقط، وغداً نعود لإكمال قصة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - قالوا وما هي؟ فسردت عليهم قصة من خيالي، من أجل أن أُدخل فيها الجملة الصعبة التي حفظها ذلك الطالب وفهمها سلفاً، وقلت لهم: إن هناك جماعة يسكنون قرية واحدة يقال لهم (القراقبة)، كانوا يحتفلون بعيد الأضحى، ويذبحون فيه البقر، ويتفاخرون بذبائحهم، حتى أن كل واحد منهم يربي بقرته من شهر الحج إلى شهر الحج سنة كاملة، يغذيها بأجود الأعلاف، حتى تكون سمينة، وكان عند (علي القرقبي) بقرة يربطها أمام باب بيته في القرية، وكانت أكبر وأسمن بقرة في القرية كلها، والكل يتمنون متى يأتي الحج، وتذبح هذه البقرة، ليشربوا من مرقها، ويأكلوا من لحمها.
ولكن المشكلة أن أهل القرية عندهم عادة هي أنهم إذا ذبحوا الأضاحي يطبخون رقابها، ويضعون المرق في أوانٍ، تجمع في المكان الذي يتعايدون فيه، فدخل الشباب وأخذوا يتذوقون المرق من كل إناء، فصاح أحدهم مفتخراً بذكائه: عرفتها، عرفتها، فقالوا له: ماذا عرفت؟
قال: (أنا عرفت مرقة رقبة بقرة علي القرقبي من بين مراق رقاب أبقار القراقبة)
وبعد هذه العبارة قلت لتلاميذي: من الذكي الذي يعيد هذه العبارة، فتفاجأوا جميعاً، وطلبوا مني إعادتها، فأعدتها لهم، وقلت: من الذكي الذي يعيدها؟ فحاول رائد الصف، والذين يشعرون في أنفسهم بالتميز، فلم يستطيعوا إعادة حتى ثلاث كلمات منها، فقلت لهم: هذه لا يستطيع أن يقولها إلا ذكي فهم معناها، أين الذكي فيكم؟ والذي يريد المشاركة أطلب منه الخروج عند السبورة ومواجهة زملائه، وأنا أنظر إلى هذا التلميذ، فإذا نظرت إليه يخفض يده؛ لأنه يخشى الإخفاق، فثقته بنفسه معدومة، خاصة أنه رأى فلاناً وفلاناً من الذين يشار إليهم بالبنان يتعثرون، وأين هو من هؤلاء الذين أخفقوا؟ وإذا أعرضت عنه ألمحُ أنه يرفع إصبعه عالياً. وبعد أن عجز الجميع طلبت من هذا الصبي:
1- أن يقول الجملة وهو جالس في مكانه، وذلك لخوفي عليه إذا خرج ونظر إلى التلاميذ أن يصيبه البكم الاختياري، من شدة خجله وحساسيته، فقالها وهو جالس على كرسيه؛ فصفقت له، وإذا بي أنا الوحيد المصفق، وكأن التلاميذ لم يصدقوني، لأنه قالها بصوت خافت، علاوة على أن التلاميذ لم يلقوا له بالاً.
2- طلبت منه إعادتها مرة ثانية، ولكن أمرته بالوقوف في مكانه، مع رفع الصوت، وابتسمت في وجهه، وقلت له: أنت البطل، أنت أذكى من في الفصل، فقام وأعاد الجملة، ورفع صوته، فصفقت له أنا ومن حوله من التلاميذ، فقال الآخرون: قالها يا أستاذ! قلت نعم، لأنه ذكي.
3- الآن وثقت من هذا التلميذ العجيب بعد أن حمسته، وشجعته، وظهر لي ذلك في نبرات صوته. فقلت: أخرج أمام السبورة، وقلها مرة أخرى، وأخذت أشحذ همته وشجاعته، أنت الذكي، أنت البطل، فخرج وقالها والجميع منصتون، ويستمعون في ذهول.
4- ثم طلب مني التلاميذ أن آمره بأن يعيدها لهم.. فرفضت طلبهم، وقلت لهم: اطلبوا أنتم منه. وهدفي من ذلك أولاً: أن أشعرهم أنه أحسن منهم، وأنه ذكي، وثانياً: حتى يثق هو بنفسه، وأن التلاميذ يخطبون وده، وأنه مهم بينهم، وثالثاً: أن الفهم الذي عنده ليس عند غيره، وأن التلعثم وتقطيع الكلام الذي كان يصيبه أصاب جميع زملائه في هذا الموقف.
5- وطلبوا منه الإعادة مرة أخرى، فأخذت بيده، وقلت لهم أتعبتموه وهو يعيد لكم وأنتم لا تحفظون، ولا تفهمون، لأنني على ثقة أنهم سيطلبون إعادتها منه مرات كثيرة، فتركت ذلك له حتى يزداد ثقة بنفسه.
6- دق جرس انتهاء الحصة، وجاء وقت النزول إلى فناء المدرسة للفسحة، فلم يخرجوا من الصف إلا بهذا الطالب معهم، وأخذوا ينادونه باسمه، وكوّنوا كوكبة تمشي وهو يمشي بينهم كأنه قائد، أو لاعب كرة يحمل الكأس، والفريق من حوله، فخرجت خلفهم، وشاهدت التلاميذ ينادون إخوانهم وأصدقاءهم في الصفوف العليا، ويجتمعون حول هذا الطالب النجيب وهو يعيد لهم، وهم يرددون خلفه، وهو يصحح لهم، وكثر أصدقاء هذا الولد وجلساؤه بعد أن كان نسياً منسياً، ووثق بنفسه، وفي هذا اليوم نفسه طلبت منه أن يعرض هذه الجملة على أبيه وأمه، وإخوته، وجميع معارفه، وأن يتحداهم بإعادتها، وما هو إلا أسبوع واحد وجاءت إجازة نصف العام، وهنا ينبغي التنويه إلى أن حفظ تلك العبارة جاء نتيجة الفهم لمعناها. إذ إن عدم إدراك مفهوم كل كلمة فيها سيجعل حفظها حفظاً ببغاوياً، وهو ما ليس ينشده التربويون.
وبعد الإجازة جاء والده إلى المدرسة، ولأول مرة أقابله، فقال: جزاك الله خيراً يا أستاذ، بارك الله لك في أولادك، جزاء ما فعلت مع ولدي، وقال: لقد سألني الأقارب الذين زارونا في الإجازة: من هو الطبيب الذي عالجت عنده ولدك، إذ كنا نعرفه يتهته في كلامه، خجولاً منطوياً على نفسه، والآن تحدى الكبار والصغار رجالاً ونساءً، وتحداهم بإعادة جملة صعبة، عجزنا نحن أن نرددها بعده، فقلت لهم إنه معلمه عوض الزايدي، جزاه الله خيراً.
واستمرت علاقتي بالأب حتى الآن، وأخذ يخبرني عن ولده، وأنه انطلق بعد هذه القصة العلاجية وحقق ما لم يكن متوقعاً أبداً:
1- حفظ القرآن الكريم كاملاً، وأصبح عضواً فاعلاً في نشاطات الجماعة ورحلاتها.
2- تخرج في الثانوية العامة القسم العلمي بامتياز، حيث حقق 96% في المجموع الكلي للدرجات.
3- التحق بالجامعة قسم الرياضيات، وفي كل سنة دراسية كان ينال الكثير من شهادات الشكر والثناء والتميز، حتى أنه تخرج بامتياز مع مرتبة شرف.
4- عُين معيداً في إحدى الكليات بجامعاتنا.. وعلمت أنه حصل على قبول للدراسات العليا في واحدة من أعرق الجامعات العالمية، ولا يزال المستقبل الواعد ينتظره بالكثير، خاصة أنه ذاق حلاوة تميزه.
هذا ... وإني لعلى يقين من أن أحداث هذه القصة الكبيرة جداً.. العظيمة أثراً لا تحتاج إلى تعليق، أو في حاجة إلى ثناء وتقدير للمعلم الذي هو بطلها، وفاعل حقيقي لأحداثها، وإني لأدعو الكُتَّاب إلى تلمس مثل هذه النجاحات وإبرازها، وعدم الإقلال من شأنها؛ لأن لها مردودها العظيم على الأجيال كلها، كما عرفنا. هكذا تكون التربية الناجع ة، وهكذا المربي المحلق الناجح .